ما هي البورصة: دليل مبسّط لفهم سوق الأسهم والاستثمار

ما هي البورصة؟

البورصة ببساطة هي سوق منظّم يلتقي فيه البائعون والمشترون. ولكن بدل أن يُباع ويُشترى شيء مادي كسيارة أو هاتف، يتم تداول:

• أسهم شركات

• سندات ديون

• عقود على سلع أو عملات أو مؤشرات مستقبلية

أي أنّ “السلعة” داخل البورصة هي حقوق مالية وليست شيئًا تمسكه بيدك.

لماذا ظهرت فكرة البورصة أصلًا؟

منذ آلاف السنين، التجار كانوا يحتاجون إلى تمويل رحلات طويلة وخطرة بالسفن، لنقل التوابل أو البضائع بين القارات.

بدل أن يتحمّل تاجر واحد كل المخاطر، ظهرت فكرة:

1. تقسيم الرحلة إلى حصص

2. يشارك عدة أشخاص في تمويلها

3. ويأخذ كل واحد منهم نسبة من الربح أو الخسارة بحسب حصته.

مع الوقت، تحوّلت هذه الحصص إلى أوراق مكتوبة يمكن بيعها وشراؤها بسهولة، وبدأ التجار يجتمعون في أماكن محددة لتداولها.

ومن تلك التجمعات في أوروبا ظهرت كلمة "بورصة" التي تطوّرت لاحقًا إلى الأسواق الرسمية التي نعرفها اليوم.

ما هي أنواع البورصات؟

الأسواق المالية مش كلها نسخة واحدة. كل بورصة عندها طبيعتها وأدواتها، وكل نوع يخدم فئة معيّنة من المستثمرين.

البورصات العامة

هذا النوع هو الأشهر بين الناس. هنا يتم تداول أسهم الشركات المساهمة العامة. يعني لو حبيت تشتري حصة صغيرة في شركة كبيرة مثل آبل أو سامسونغ، فهذا المكان المناسب.

تتميز بأنها الأكثر انتشارًا عالميًا، والأكثر جاذبية للمستثمرين العاديين.

البورصات السلعية

هذه البورصات ما تتعامل بأسهم، بل بسلع حقيقية مثل: الذهب، النفط، الفضة، الحبوب… وغيرها.

هذه البورصات تُعتبر “ترمومتر” الاقتصاد العالمي، لأنها تحدد أسعار السلع الأساسية التي تعتمد عليها الدول. ويتعامل فيها المستثمرون إما للتحوّط من المخاطر، أو بهدف الاستفادة من التغيرات السريعة في الأسعار.

بورصات العقود الآجلة والخيارات

هنا الموضوع مختلف قليلًا. المتداولون يتعاملون بعقود تُتفق أسعارها اليوم، لكنها تُنفَّذ مستقبلًا. مثل:

• عقد لشراء برميل نفط بعد 3 أشهر بسعر محدد اليوم،

• أو خيار لشراء سهم في المستقبل إذا وصل إلى سعر معين.

هذا النوع يخدم الناس اللي يحبون التحوّط، أو المتداولين اللي عندهم خبرة بالمخاطر والتقلبات.

البورصات النقدية (الفوركس)

أكبر سوق مالي في العالم من حيث الحجم اليومي.هنا يتم تداول العملات الأجنبية على مدار 24 ساعة.

مثل تداول الدولار مقابل اليورو، أو الجنيه مقابل الين. يدخل فيها:

• بنوك عالمية

• شركات كبرى

• مستثمرون محترفون

• وحتى متداولون أفراد

هي سوق سريع الحركة ويتأثر بشكل كبير بالأخبار الاقتصادية والسياسية في العالم.

أهم البورصات العالمية

العالم مليء بالأسواق المالية، لكن بعضها أصبح علامة فارقة بسبب حجمها وتأثيرها على الاقتصاد العالمي. أبرزها:

المصدر: Statista

بورصة نيويورك (NYSE)

بورصة نيويورك (New York Stock Exchange) هي أشهر سوق أسهم في العالم، وتقع في شارع وول ستريت في قلب نيويورك. الكثير يعتبرها مركز القوة المالية بسبب حجم الشركات المدرجة فيها.

تجاوزت قيمتها السوقية حوالي 25 تريليون دولار في يوليو 2024، وهذا يجعلها الأكبر عالميًا.

تجمع البورصة بين قاعة تداول حيوية وشاشات إلكترونية متطورة، وهو ما يمنحها طابعًا مميزًا لا نجده في أسواق أخرى. مئات الشركات الكبرى تختار الإدراج فيها لأنها تمنح الثقة وتجذب المستثمرين من كل مكان.

بورصة ناسداك (NASDAQ)

بورصة ناسداك (NASDAQ) تُعرف كموطن لعمالقة التكنولوجيا في العالم. فهي البورصة التي اختارتها شركات مثل آبل، أمازون، ومايكروسوفت.

تعتمد ناسداك بشكل أساسي على نظام تداول إلكتروني سريع، وهذا ما يجعلها جذابة للمتداولين الذين يبحثون عن السرعة والسيولة العالية. تبلغ القيمة الصافية لبورصة ناسداك نحو 51.38 مليار دولار حتى تاريخ 29 نوفمبر 2025. مما يجعلها من أكبر الأسواق العالمية وأكثرها ابتكارًا.

بورصة شنغهاي (SSE)

بورصة شنغهاي (Shanghai Stock Exchange) هي واحدة من أهم مراكز المال في آسيا. لها دور محوري في دعم كبرى الشركات الصينية. موجودة في مدينة شنغهاي، وتجمع بين الشركات الحكومية الضخمة والشركات الخاصة التي تنمو بسرعة. مما يجعلها منصة حيوية في الاقتصاد الصيني.

بورصة طوكيو (TSE)

بورصة طوكيو (Tokyo Stock Exchange) فعلاً واحدة من أقوى وأهم البورصات في آسيا. لما نسمع أسماء مثل تويوتا وسوني، من الطبيعي نتخيل حجم السوق اللي يجمع هالشركات تحت سقف واحد. هذا المكان معروف بدقته وتنظيمه العالي، وهو شيء ينسجم تمامًا مع أسلوب العمل الياباني اللي يعتمد على الانضباط والتخطيط.

مع نهاية سبتمبر 2024، كان في البورصة تقريبًا 3,953 شركة مدرجة، ووصلت قيمتها السوقية إلى حوالي 973.4 تريليون ين يعني ما يقارب 6.93 تريليون دولار.

بورصة لندن (LSE)

بورصة لندن (London Stock Exchange) تُعتبر من أقدم وأهم البورصات في العالم، وتاريخها الطويل يعطيها هيبة خاصة وسط أسواق المال. وجودها في قلب لندن، المدينة اللي تُعد واحدًا من أكبر المراكز الاقتصادية عالميًا، يخليها جزء أساسي من حركة المال والاستثمار يوميًا.

هذا التنوع يعطيها طابع عالمي واضح، ويخليها وجهة مفضلة عند المستثمرين اللي يدورون على فرص مستقرة ومتنوعة بدل ما يحصرون استثماراتهم في سوق واحد.

كيف تعمل البورصة خطوة بخطوة؟

البورصة قد تبدو معقّدة من الخارج، لكنها في الحقيقة تعمل بطريقة واضحة. إليك الخطوات ببساطة:

1. الشركة تقرر أن تبيع جزءًا من ملكيتها: عندما تحتاج شركة إلى تمويل، تطرح جزءًا من أسهمها للبيع.

2. إدراج السهم في البورصة: بعدها، يتم إدراج السهم داخل البورصة ليصبح قابلًا للتداول بين الناس.

3. المستثمر يفتح حساب تداول: لا يمكنك الشراء مباشرة من البورصة. تحتاج إلى وسيط أو منصة تداول تنفّذ أوامرك.

4. وضع أمر شراء أو بيع:  تختار السهم، وتحدد السعر والكمية، ثم تضغط “شراء” أو “بيع”. الأمر ينتقل فورًا إلى البورصة.

5. مطابقة الأوامر داخل السوق: البورصة تبحث عن بائع يناسب سعر شراءك، أو مشتري يناسب سعر بيعك. عندما يحدث التطابق، تتم الصفقة فورًا.

6. انتقال الملكية خلال ثوانٍ: بعد تنفيذ الصفقة، ينتقل السهم إلى محفظتك الإلكترونية، وينتقل المال إلى البائع.

7. السعر يتغيّر لحظة بلحظة: لأن آلاف الأوامر تدخل وتخرج، يتحرك السعر حسب العرض والطلب والأخبار و نتائج الشركات.

كيف يحدّد سعر السهم في البورصة؟

سعر السهم يتغيّر باستمرار، تمامًا مثل أي شيء يزداد الطلب عليه أو يقلّ. إذا كان المستثمرون مهتمين بالسهم ويشترونه بكثرة، يرتفع السعر.

وإذا زاد عدد البائعين، ينخفض. الأمور لا تتوقف هنا فقط… فقد تؤثر أرباح الشركة، الأخبار الاقتصادية، وحتى مزاج السوق العام في السعر. يعني باختصار: السعر هو نتيجة تفاعل العرض والطلب.

إيجابيات وسلبيات البورصات

مثل أي فرصة استثمارية، للبورصات جانب مشرق وآخر يحتاج إلى حذر.

الإيجابيات

البورصة تمنحك فرصة حقيقية لتنمية أموالك بطريقة تدريجية. يمكنك الاستثمار في شركات قوية ومعروفة، وهذا يمنحك إحساسًا بالاستقرار والثقة. ما يميز البورصة أيضًا هو الشفافية العالية، فكل شيء واضح ومتاحة معلوماته للجميع. إضافةً إلى ذلك، تستطيع بيع أسهمك بسهولة في أي وقت، مما يوفر لك سيولة سريعة عند الحاجة. ومع الوقت، يساعدك الاستثمار المنتظم على بناء رصيد مالي جيد.

السلبيات

لكن رغم هذه المزايا، تبقى البورصة مكانًا متقلبًا، وقد تتغيّر الأسعار خلال دقائق. هذا يعني أنك قد تخسر جزءًا من استثمارك إذا لم تكن مستعدًا. تحتاج إلى صبر وخطة واضحة قبل الدخول. القرارات السريعة أو غير المدروسة قد تسبب خسائر، خصوصًا عند حدوث أخبار مفاجئة تؤثر على السوق. لذلك من المهم أن تتابع الأوضاع وأن تتعلم أساسيات الاستثمار قبل البدء.

الخاتمة

في النهاية، البورصة ليست عالمًا غامضًا كما يعتقد الكثيرون. هي ببساطة سوق منظم يساعد الشركات على النمو، ويمنحك فرصة للاستثمار وبناء ثروة تدريجيًا. ابدأ بخطوة صغيرة، وتذكر أن الاستثمار رحلة طويلة وليست سباقًا سريعًا.